دونالد ترمب
دونالد ترمب
-A +A
زياد عيتاني (بيروت)
ziadgazi@

يقولون إن السياسة فن الممكن، ولأنها كذلك فإن كل ما قيل وروّج له خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية يجب تصنيفه في سياق الحملات ونقطة على السطر.


من خلال هذه المعادلة المنطقية فإن العملية السلمية في الشرق الأوسط أمامها فرصة كبيرة للتقدم ولتحقيق أهدافها في عهد الرئيس ترمب على عكس ما يعتقد الكثيرون.

قرار بارز اتخذه الرئيس ترمب في يومه الثاني بالبيت الأبيض، لم يتوقف عنده الإعلام العالمي ولا الأمريكي كثيرا، لأنه قرار من دون توقيع بعكس القرارات الأخرى الصادرة بتواقيع، ألا وهو قرار تأجيل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس كما وعد في حملته الانتخابية.

قرار تأجيل نقل السفارة إلى القدس ترافق مع ثلاث خطوات: الأولى الاتصال بين ترمب ونتنياهو، والثانية دعوة بعض الدول العربية، ترمب لاحترام حقوق الشعب الفلسطيني ومندرجات عملية السلام، فيما الخطوة الثالثة تمثلت بلقاء العاهل الأردني مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع ما يتوقع من دور يلعبه العاهل الأردني بين الفلسطينيين والإدارة الأمريكية الجديدة.

حراك واسع محوره الملف الفلسطيني أي جوهر عملية السلام في الشرق الأوسط. وبالتالي فإن ملف هذه العملية السلمية حاضر في أولويات الرئيس ترمب وإدارته، لأنها تدرك أكثر من غيرها أنه لا سلام بعيدا عن مندرجات هذه العملية، التي تقوم على حل الدولتين جنبا إلى جنب وإلى معادلة الأرض مقابل السلام. كما أنها تدرك أنه لا انتصار على الإرهاب قبل تفكيك العقد من أمام وصول الشعب الفلسطيني إلى حقوقه.

ترمب قادر على إحداث فرق كبير في المسار السلمي الخاص بالشرق الأوسط، فنتنياهو يعاني ما يعانيه داخليا مما يفقده القدرة على المناورة، لا بل يشكل التعاون في دفع العملية السلمية إلى الأمام طوق نجاة بالنسبة له، أمام خصومه في الداخل المتربصين له، كما أن السلطة الفلسطينية تسعى لأي خيط أمل يجعلها تنفذ إلى المربع التالي، تمهيدا للوصول إلى الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني.

فن الممكن هو ما يمارسه ترمب في هذا الملف، دغدغ مشاعر الإسرائيليين بنقل السفارة إلى القدس، وعند التنفيذ قال لهم: ما هو الثمن؟ ومن الطبيعي أن يكون الثمن من ضمن فاتورة العملية السلمية في الشرق الأوسط. الإدارة الأمريكية الجديدة تبحث عن إنجاز سريع على الصعيد الخارجي وإن كان الملف السوري بات ممسوكا من قبل روسيا فإن ملف السلام في الشرق الأوسط متاح لصنع هذا الإنجاز. الأيام القادمة مرشحة أن تحمل الكثير من المفاجآت هي مرحلة صعبة، لكن الإنتاج فيها ممكن وكثير.